فصل: الشاهد الثالث عشر بعد المائتين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء جلال الدولة على البصرة ثم عودها لأبي كليجار.

كنا قدمنا أن جلال الدولة خالف أبا كليجار إلى الأهواز واتبعه أبوكليجار من واسط فهزمه جلال الدولة ورجع إلى واسط فارتجعها وبعث أبو منصور بختيار بن علي نائبا لأبي كليجار فبعث أربعمائة سفينة للقائهم مع عبد الله السرابي الزركازي صاحب البطيحة فانهزموا وعزم بختيار على الهرب ثم ثبت وأعاد السفن لقتالهم والعسكر في البر وجاء الوزير أبو علي لحربهم في سفينة فلما وصل نهر أبي الخصيب وبه عساكر بختيار رجع مهزوما وتبعه أصحاب بختيار ثم ركب بختيار بنفسه وأخذوا سفن أبي علي كلها وأخذوه أسيرا وبعثه بختيار إلى أبي كاليجار فقتله بعض غلمانه اطلع له على ريبة وخشيه فقتله وكان قد أحدث في ولايته رسوما جائرة من المكوس ويعين فيها ولما بلغ خبره إلى جلال الدولة استوزر مكانه ابن عمه أبا سعيد عبد الرحيم وبعث الأجناد لنصرة الذين كانوا معه فملكوا البصرة في شعبان سنة إحدى وعشرين وأربعمائة ولحق بختيار بالأبلة في عساكره واستمد أبا كليجار فبعث إليه العساكر مع وزيره ذي السعادات أبي الفرج بن فسانجس فقاتلوا عساكر جلال الدولة بالبصرة فانهزم بختيار أولا وأخذ كثير من سفنه ثم اختلف أصحاب جلال الدولة بالبصرة وتنازعوا وافترقوا واستأمن بعضهم إلى ذي السعادات فركبوا إلى البصرة وملكوها وعادت لأبي كليجار كما كانت.

.وفاة القادر ونصب القائم للخلافة.

في ذي الحجة سنة اثنين وعشرين وأربعمائة توفى الخليفة القادر لإحدى وأربعين سنة من خلافته وكان مهيبا عند الديلم والأتراك ولما مات نصب جلال الدولة للخلافة ابنه القائم بأمر الله أبا جعفر عبد الله بعد أبيه ولقبه القائم وبعث القاضي أبا الحسن الماوردي إلى أبي كاليجار في الطاعة فبايع وخطب له في بلاده وأرسل إليه بهدايا جليلة وأموال ووقعت الفتنة ببغداد في تلك الأيام بين السنة والشيعة ونهب دور اليهود وأحرقت من بغداد أسواق وقتل بعض جباة المكس وثار العيارون ثم هم الجند بالوثوب على جلال الدولة وقطع خطبته ففرق فيهم الأموال فسكتوا ثم عاودوا فلزم جلال الدولة الأصاغر فشكا من قواده الأكابر وهما بارسطعان وبلدوك وأنهما استأثرا بالأموال فاستوحشا لذلك وطالبهما الغلمان بعلوفتهم وجراياتهم فسارا إن المدائن وندم الأتراك على ذلك وبعث جلال الدولة مؤيد الملك الرجحي فاسترضاهما ورجعا وزاد شغب الجند عليه ونهبوا دوابه وفرشه وركب إلى دار الخليفة متغضبا من ذلك وهو سكران فلاطفه ورده إلى بيته ثم زاد شغبهم وطالبوه في الدواب لركوبهم فضجر وأطلق ما كان في إسطبله من الدواب وكانت خمس عشرة وتركها عائرة وصرف حواشيه وأتباعه لانقطاع خزائنه فعوتب بتلك الفتنة وعزل وزيره عميد الملك ووزر بعده أبو الفتح محمد بن الفضل أياما ولم يستقم أمره فعزله ووزر بعده أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الحسين السهيلي وزير مأمون صاحب خوارزم وهرب لخمسة وعشرين يوما.

.وثوب الأتراك ببغداد بجلال الدولة بدعوة أبي كاليجار ثم رجوعهم إلى جلال الدولة.

ثم تجددت الفتنة بين الأتراك وجلال الدولة سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة في ربيع الأول فأغلق بابه ونهب الأتراك داره وسلبوا الكتاب وأصحاب الدواوين وهرب الوزير أبو إسحاق السهيلي إلى حي غريب بن محمد بن معن وخرج جلال الدولة إلى عكبرا وخطبوا لأبي كاليجار واستدعوه من الأهواز فمنعه العادل بن ماقته إلى أن يحضره بين قوادهم فعادوا إلى جلال الدولة وتطارحوا عليه فعاد لثلاث وأربعين يوما من مغيبه واستوزر أبا القاسم بن ماكولا ثم عزله لفتنة الأتراك به وإطلاق بعض المصادرين من يده.

.استيلاء جلال الدولة على البصرة ثانيا ثم عودها لأبي كاليجار.

ثم توفي أبو منصور بختيار بن علي نائب أبي كاليجار بالبصرة منتصف أربع وعشرين وأربعمائة فقام مكانه صهره أبو القاسم لاضطلاعه وكفايته واستبد بها ونكر أبو كاليجار استبداده وبعث بعزله فامتنع وخطب لجلال الدولة وبعث لابنه يستدعيه من واسط فجاء وملك البصرة وطرد عساكر أبي كاليجار ثم فسد ما بين أبي القاسم والعزيز واستجار منه بعض الديلم بالعزيز وشكوا منه فأخرجه العزيز عن البصرة وأقام بالأبلة ثم عاد إلى محاربة العزيز حتى أخرجه عن البصرة ورجع أبو القاسم إلى طاعة أبي كاليجار.

.إخراج جلال الدولة من دار الملك ثم عوده.

وفي رمضان من سنة أربع وعشرين وأربعمائة استقدم جلال الدولة الوزير أبا القاسم فاستوحش الجند واتهموه بالتعرض لأموالهم فهجموا عليه في دار الملك وأخرجوه إلى مسجد في داره فاحتمل جلال الدولة الوزير أبا القاسم وانتقل إلى الكرخ وأرسل إليه الجند بأن ينحدر عنهم إلى واسط على رسمه ويقيم لإمارتهم بعض ولده الأصاغر فأجاب وبعث إليهم واستمالهم فرجعوا عن ذلك واستردوه إلى داره وحلفوا له على المناصحة.
واستوزر عميد الدولة أبا سعد سنة خمس وعشرين وأربعمائة عوضا عن ابن ماكولا فاستوحش ابن ماكولا وسار إلى عكبرا فرده إلى وزارته وعزل أبا سعد فبقي أياما ثم فارقها إلى أوانا فأعاد أبا سعد عبد الرحيم إلى وزارته ثم خرج أبو سعد هاربا من الوزارة ولحق بأبي الشوك ووزر بعده أبو القاسم فكثرت مطالبات الجند له وهرب لشهرين فحمل إلى دار الخلافة مكشوف الرأس وأعيد أبو سعد إلى الوزارة وعظم فساد العيارين ببغداد وعجز عنهم النواب فولى جلال الدولة البساسيري من قواد الديلم حماية الجانب الغربي ببغداد فحسن فيه غناؤه وانحل أمر الخلافة والسلطنة ببغداد حتى أغار الأكراد والجند على بستان الخليفة ونهبوا ثمرته وطلب أولئك الجند جلال الدولة فعجز عن الانتصاف منهم أو إسلامهم للخليفة فتقدم الخليفة إلى القضاة والشهود والفقهاء بتعطيل رسومهم فوجم جلال الدولة وحمل أولئك الجند بعد غيبتهم أياما إلى دار الخليفة فاعترضهم أصحابهم وأطلقوهم وعجز النواب عن إقامة الأحكام في العيارين ببغداد وانتشر العرب في نواحي بغداد وعاثوا فيها حتى سلبوا النساء في المقابر عند جامع المنصور وشغب الجند سنة سبع وعشرين وأربعمائة بجلال الدولة فخرج متنكرا في سيما بدوي إلى دار المرتضى بالكرخ ولحق منها برافع بن الحسين بن معن بتكريت ونهب الأتراك داره وخربوها ثم أصلح القائم أمر الجند وأعاده.